Categories مقالات

أين اختفى الأرز ؟

أين اختفى الأرز ؟

قبل أيام شهدت أسواق جملة المواد الغذائية إرتفاعاً في أسعار السلع الأساسية الأمر الذي حرّك سكون وزارة الإقتصاد وجعل منها تصدراً جدولاً يحدد أسعار سبع سلع اساسية ، وبالرغم من ان القرار كان مجرد حبر على ورق دون آلية واضحة لتنفيذه على ارض الواقع وهو الذي حصل فعلاً ، الا ان الشارع قد قابله بإستنكار وإمتعاض متباين بسبب عدم تناسبه مع متوسط دخلهم ، مما جعل الحكومة تعيد النظر في الأسعار التي اعتمدتها وزارة الاقتصاد .

“اصبحنا نبحث عنده داخل اسواق ومخازن المواد الغذائية كأنه معدن نادر او نتاجر في الممنوعات ” هذا ما قاله مالك احد متاجر المواد الغذائية بالعاصمة طرابلس بعد نقص في الأرز ، والذي ارتفعت اسعاره كباقي السلع ، الا انه وحده قد شهد نقصاً حاداً في الأيام الأخيرة وأضاف :” تجار الجملة يقولون انه نقص من المصدر وآخرين يلقون باللوم على الشركات الموردة ، اصبحنا نخجل من بيعه للمواطن بهذه الأسعار , لأننا في وجه المدفع ونحن من نبيعه للناس ” .

بالرغم من أن وزارة الإقتصاد والتجارة قد حددت سعر بيعه في جدولها ب3،75 للكيلو جرام الواحد الا ان اسعاره قد وصلت سقف ال8 دينار في الأيام الماضية مع غيابه على رفوف عدد من المحال التجارية .

تاجر الجملة عماد قال بتململ واضح وهو جالس خلف كومة من الأوراق والفواتير :”نحن نتعامل مع الشركات الموردة وهي مصدرنا ولا اعلم حقيقة مايقولون لنا من نقص الأرز من المصدر ام هي مضاربة وإحتكار الغرض منه رفع السعر لهذا الحد ” واضاف التاجر : “الآن لا املك حتى حبة ارز واحدة في المخازن وعندما كان متوفراً كنت أبيع ال10 كيلو جرام بسعر الجملة ب47 دينار اي مايعادل4،7 دينار للكيلو جرام الواحد وبهذا السعر يستطيع الموزع الفردي ان يبيعه ب5 دينار ، لكنني سمعته ان ثمنه قد تجاوز ذلك بكثير لا أعلم كيف حدث ذلك ” .

“الأرز الأبيض هو غذاء كل شعوب الأرض الفقيرة وانا اعتبر شعبنا ضمن هذه الشعوب ” هذا ما قاله خمسيني يبدو الوقار واضحاً من مظهره وهندامه وأضاف :”انا أب لخمس ابناء جلهم في مرحلة الدراسة وبالرغم من عملي في القطاع العام لأكثر من ثلاثين سنة إلا أن راتبي الشهري لا يحتمل كل هذا الغلاء ، اذا كان كيلو الارز ب7 دينار واكثر وقنينة زيت الطعام قد تجاوزت ال8 دنانير والدقيق سعره مرتفع كيف سيأكل ابنائي ” .

شاب آخر يتفحص أصناف الأرز وأسعارها تحدث بألم واضح معللاً ذلك بوضعه الصحي وقائلاً بصوت خافت :” انا اعاني حساسية شديدة من مادة الجلوتين ، لا استطيع ان اتناول اي شيء والأغذية المخصصة لهذا النوع من الأمراض باهضة جداً ، وانا اعتمد على الارز بشكل اساسي في وجباتي اليومية ، انتظر يوماً يطلبون منا فيه الإنتحار بعد كل هذه المعاناة ” .

الخبير والأكاديمي في الشأن الإقتصادي عمر الخمسي تحدث عن نقص عالمي في كل الحبوب وخاصة القمح وأضاف:”العالم أصيب بالشلل في فترة إنتشار الجائحة وهذا قد أثر بشكل كبير على النشاط الزراعي والصناعي وحركة الإستيراد والتصدير بين دول العالم ، كما ان حرائق الغابات والمزارع التي شهدتها عدة قارات نهاية الصيف الماضي قد فاقمت هذه الازمة الغذائية الحادة والتي تهدد كل دول العالم “وأضاف المريمي إن اسعار الحبوب قد ارتفعت في كل دول العالم حيث بلغ سعر كيلو الأرز في المملكة المتحدة إلى دولارين للكيلو جرام ” .

ربما لا يزال المتسبب في هذا الإرتفاع مجهولاً لكن المتضرر الأول والأخير واضح وضوح الشمس في كبد السماء وهو المواطن الذي اصبحت تتلاطمه موجات سوء الأوضاع المعيشية وأصبح يكافح طوال الوقت وشبح الجوع يلاحق عائلته .