العمالة الأجنبية الوافدة.. داعم تنموي أم عبء اقتصادي؟
لطالما حاولت الحكومات المتعاقبة في ليبيا وضع قوانين وضوابط تنظم عمل العمالة الأجنبية الوافدة في البلاد وحصرها لمعرفة مدى إحتياجات السوق ومسائل أخرى متعلقة بالأمن القومي .
ويتواجد في ليبيا أعداد كبيرة من العمالة الوافدة من جنسيات مختلفة معظمها من دول الجوار ودول جنوب الصحراء، حيث تتواجد العمالة المصرية بشكل لافت في أغلب المدن والمناطق الليبية بالإضافة لمواطني الدول الواقعة على الخط الحدودي الجنوبي وهي النيجر وتشاد والسودان ووافدين من دول جنوب الصحراء كنيجيريا وغانا وبوركينا وغينيا وغيرها، بينما ازدادات أعداد العمالة السورية بعد عام 2011 وبنسبة أقل وافدون من دول جنوب شرق آسيا كالفلبين وبنغلادش .
وبحسب إحصائيات رسمية يعلم أكثر من 60% بشكل غير قانوني ، بالإضافة لأعداد كبيرة تدخل البلاد متسللة بشكل غير قانوني خاصة القادمين من أفريقيا إما لغرض العمل أو الهجرة عبر إلى أوروبا أو للسببين معاً .
وتظهر ارقام المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة 790 ألف مهاجر مسجل في ليبيا معظمهم من أفريقيا ، بينما ترجح وجود ضعفي هذا العدد غير مسجلين في مصفوفاتها ، ويتواجد من هؤلاء حوالي 3000 إلى 4000 في مراكز الرعاية بينما يجوب معظمهم الشوارع ويعملون في مهن مختلفة .
ورغم القرار المتتالية والتي كان آخرها حظر عدد من النشاطات التجارية على الجنسيات الأجنبية والذي لم يدخل حيز التنفيذ حتى هذه اللحظة ، إلا أن القوانين التي تنظم عمل كل هذه الجنسيات مبهمة ولا يتم تنفيذها .
وقد اهتمّ القانون الليبيّ بالعاملين ممّن دخلوا ليبيا بإجراءات قانونية، ونظّم آليّات دخولهم وخروجهم، وذلك في القانون رقم 6 للعام 1987 ولائحته التنفيذية رقم 247 لسنة 1989 بشأن تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا وخروجهم منها، وقرار اللجنة الشعبية العامة سابقاً رقم 212 لسنة 2009 بتقرير بعض الأحكام المتعلقة بدخول وإقامة الأجانب في ليبيا، وخروجهم منها، والعمل بها.
ويحذر الخبير الاقتصادي حكيم العماري من العشوائية وعدم التنظيم الحاصل قائلاً ” السواد الأعظم من العمالة الوافدة في ليبيا تعمل دون تصريح عمل ولا تدفع أي ضرائب لمصلحة الضرائب ووزارة العمل ، كما يتم معاملة هؤلاء مالياً كمواطنين ، حيث يحصلون على السلع والوقود والكهرباء مدعوماً وهو فعلياً مدعوم بأموال دافعي الضرائب الليبيين ” وأضاف ” لا توجد دولة في العالم يعامل فيها الوافد كالمواطن وهنا لا اقصد المعاملة الإنسانية فهم بشر ولابد من احترام كل حقوقهم ومشاعرهم ولكنني اتكلم في الجانب الاقتصادي فقط ” .
قبل أشهر اطلقت الجهات الأمنية والحرس البلدي حملة واسعة تستهدف أسواق الخضار والفاكهة بعد موجة كاسحة من إرتفاع الأسعار ، وأرجع عدد من المتابعين آنذاك السبب لسيطرة العمالة الوافدة ما اعتبره البعض تهديداً للأمن الغذائي .
وفي ظل عدم قدرة الدولة على السيطرة على حدودها الشاسعة خاصة الجنوبية منها وإستمرار عمليات تهريب المهاجرين لأوروبا ، يظهر جلياً دور المؤسسات الحكومية في تنظيم عمل هذه الأعداد المهولة والحفاظ على موارد الليبيين وضرائبهم ومقدراتهم .