Categories الاخبار

زيادة المرتبات ورفع الدعم.. “اعطي باليمين خود باليسار “

زيادة المرتبات ورفع الدعم.. “اعطي باليمين خود باليسار “

عاد الحديث عن رفع الدعم على المحروقات للظهور على السطح من جديد خاصة بعد إعلان حكومة الوحدة عن تشكيل لجنة  لتدارس رفع الدعم وإستبداله نقداً للمواطنين وصدور مقترح عن وزارة التخطيط عن زيادة تقدر ب600‎% في أسعار المحروقات.

والغريب في الأمر هو التوصية بإتباع التجربة المصرية في رفع الدعم بشكل جزئي ودراسة إمكانية رفعه بنسبة 20% كشكل مبدئي، وكأن ليبيا تتشابه في الخصائص مع دولة مصر من حيث الإنتاج ومعدلات التضخم والإستهلاك والخدمات، ويبلغ سعر لتر البنزين في مصر 0.521 دولار، أما سعره في تونس 0.755 دولار للتر، وتعتبر المغرب من أكثر الدول المجاورة إرتفاعاً في أسعار البنزين حيث يبلغ سعر اللتر 1.86 دولار، ولكن هل من المنطقي مقارنة أسعار هذه الدول بليبيا ؟

تبدو مقارنة ليبيا بتونس ومصر والمغرب ودول عدة في مسألة سعر الوقود غير عادلة ولا أوجه لها وذلك لأسباب متعددة لعل أبرزها إمتلاك تلك الدول لبنى تحتية متطورة نسبياً من شبكات طرق وكهرباء وميترو وسكك حديدية ومطارات ووسائل نقل عام مما يقلل من إعتماد المواطنين على سيارتهم الخاصة .

كما أن الكثافة السكانية في هذه الدول يفوق ليبيا بكثير حيث يبلغ عدد سكان تونس ضعفي سكان ليبيا  أما مصر فعدد سكانها يضاهي قرابة 15 مرة سكان ليبيا، بالإضافة للرقعة الجغرافية الشاسعة التي تقع عليها والتي تضاهي حجم الجارة تونس بعشر مرات .

ولعل أهم سبب لعدم جواز المقارنة هو أن جميع هذه الدول غير نفطية وتعاني حكوماتها الأمرين لعقد صفقات المحروقات التي يعتمد معظمها على سد إحتياجاتها أو جزء منها عبر الإستيراد من مصادر مختلفة، وعندما ترتفع أسعار النفط في الأسواق العالمية تضطر هذه الحكومات لرفع أسعار الوقود والخدمات الأساسية لتقليل العبء على الميزانية العامة .

وربما تتفاجئ بأن جهود الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات لا تتناسب مع التوجه العالمي لدعمها، للتخفيف عن كاهل مواطنيها ، وذلك بعد الأضرار الاقتصادية الموجعة التي تلقاها العالم بعد إندلاع الأزمة الاوكرانية، ما جعل دول صناعية عظمى كالولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا تتجه لدعم المحروقات بعد موجة غير مسبوقة لإرتفاع أسعارها .

ودائما ما يتمسك المؤيدون لقرار رفع الدعم بمسألة التهريب، والتي تعاني منها البلاد منذ سنوات، رغم انها قضية أمنية بحتة، تحتاج لمعالجتها لإستراتيجية حكومية حازمة لمكافحة هذه الظاهرة، ولكن إختيار رفع الدعم لمحاربة المهربين، كمن يمتنع عن زراعة أرضه ونثر البذور فيها حتى لا يأكلها الغراب.

وربما يتعجب رافض لقرار رفع الدعم قائلاً “إن وجبت المقارنة فعلاً، فلما لا تتم مقارنتنا بتلك الدول من ناحية الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة او مثلاً بوضع شبكة الكهرباء المزري والذي اذاق الليبييون الويلات منذ سنوات طويلة ؟” .

ويتخوف المواطنون من الفوضى الإدارية والتنظيمية التي تسبح في مستنقعها المؤسسات والدوائر الحكومة، حيث أقترح قرار اللجنة المشكلة لتدارس رفع الحظر، منح مبلغ 400 دينار سنوياً كدعم نقدي، ومع التجارب السابقة للمواطنين مع قرارات مشابهة، لا تظهر اي ثقة لمثل هذه الخطوات .

ربما يحتاج قرار مشابه لسلطة قوية تفرض سيطرتها على كل مفاصل الدولة، وجسم تشريعي صلب يتابع اداء الجهة التنفيذية ويحاسبها ويقيلها أن عجزت، وغير ذلك تبقى كل هذه الخطط والقرارات ضمن حالة الفوضى وعدم الإستقرار الذي تعيشه البلاد .