Categories الاخبار

صراع اللهب الازرق يهدد اوروبا بالموت برداً

صراع اللهب الازرق يهدد اوروبا بالموت برداً

تعتبر المحروقات العصب الذي يتمحور حوله الاقتصاد العالمي لدورها الأساسي في العمليات الصناعية وتوليد الطاقة ، ورغم جهود البحث عن بدائل بما يعرف بالطاقة البديلة ألا ان المصدر الأول للطاقة في العالم أجمع هو الوقود الأحفوري ، العالم الذي يشهد مؤخراً ارتفاعاً قياسياً في أسعار الوقود خاصة بعد تعافٍ من الجائحة التي أغلقت على أثرها المصانع والشركات الكبرى، ومع إنتهاء الإجراءات عاد القطاع الصناعي خاصة في ايطاليا وفرنسا والمانيا للعمل بشكل مكثف مما زاد الطلب على الغاز، في حين بقى الإنتاج على ما هو عليه دون تغيير مما رفع أسعار العقود الآجلة .

مع دخول فصل الشتاء استشعرت دول القارة العجوز الخطر خاصة وان الغالبية الساحقة منها تعتمد على الغاز المسال للتدفئة وتوليد الطاقة وتستورد إحتاجاتها منه من خارج حدودها ودائماً ما كانت عقود النفط والغاز تحمل بعداً سياسياً في طياتها، وتعتمد أوروبا بشكل أساسي على مصدرين للغاز هما روسيا بنسبة 32.9 ‎%‎ والنرويج بنسبة19.8 ‎%‎، ما يشكل أكثر من نصف مصادر استيراد الغاز إلى أوروبا. فيما تستورد فرنسا أكثر من 40% من حاجاتها من النرويج، و16.8% من روسيا ، اما ايطاليا فتعتمد على الخط البحري القادم من ليبيا .

يصل إنتاج روسيا من الغاز إلى نحو 669 مليار متر مكعب، فيما تصل صادرتها منه إلى 197 مليار متر مكعب، كأكبر مصدر للغاز في العالم.

واتجهت الشركة الروسية غازبورم المسيطرة على تدفقات الغاز لرفع توقعاتها حول السعر الذي سوف يتم تصدير الغاز إلى أوروبا وتركيا به خلال العام الجاري، من 270 دولاراً إلى ما بين 295 و330 دولاراً لكل ألف متر مكعب. وتتوقع روسيا زيادة إمداداتها لأوروبا وتركيا والصين إلى 197.3 مليار متر مكعب هذا العام.

دائماً ما كانت صفقات الغاز متعددة الأبعاد، ما يجعل دولة صناعية مثل المانيا قلقة من نقص الإمدادات وتشعر بعدم الأمان لأن النفط الروسي يصدر عن طريق خطوط نقل تمر باوكرانيا والتي تعيش مع روسيا أزمة بسبب اقليم القرم المتنازع عليه ، لكن روسيا اطلقت مشروع لنقل الغاز مباشرة منها إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق بأنبوب مزدوج يتجاوز طول كل فرع منه 1200 كيلومتر، وبذلك يكون أطول خط أنابيب تحت مياه البحر، وسط معارضة شديدة من الإدارة الأمريكية.

الجزائر والتي تعتبر من اهم الدول المصدرة للغاز الى اوروبا وخاصة لإسبانيا قررت وقف تدفق الغاز عبر الخط البري الذي يمر عبر المغرب وقطع إمدادات الغاز عنها وتحويلها للخط البحري والذي يغذي بنسبة اقل ، كما يلعب العامل الجغرافي دوراً مهماً في ذلك الأمر ، فدولة مثل أستراليا على سبيل المثال من أكبر الدور المصدرة للغاز ولكن العامل الجغرافي ليس في صالحها بالنظر إلى تكلفة النقل .

قطر التي تمتلك مخزوناً هائلاً من الغاز الطبيعي ينظر اليها كأنها المنقذ للقارة الاوروبية وبالرغم من وعودها بزيادة الإنتاج الا ان اكثر من 72 مليون طن من الإنتاج القطري يذهب لدول شرق آسيا خاصة اليابان والصين فيما يتم ضخ 32 مليون طن الى اوروبا ، اضافة للعامل الجغرافي الذي لا يخدم قطر ايضاً ، والتي كانت تسعى الى مد انابيب الغاز من سوريا عبر المتوسط ومنه لليونان .

اما بريطانيا فقد اضطرت لإعادة تشغيل معامل الفحم الحجري لديها، إذ يعتمد قطاع إنتاج الكهرباء لديها بشكل أساسي على الغاز، ما شكل خطرا فعليا على استمرار الإنتاج ، رغم أن الحكومة البريطانية كانت تسعى لإيقاف معامل الفحم بشكل كامل في العام 2024، لكن التطورات الحالية قد لا تساعدها في الإيفاء بالتزاماتها.

مايعيشه العالم الآن من ارتفاع في أسعار الوقود يحفز الدول المصدرة للنفط والغاز ان تزيد من وتيرة إنتاجها وتشكل علاقات ثنائية مع دول صناعية كبرى مما يساهم في تطوير إقتصادها ويمكنها من لعب دور بارز في صراعات المصالح والنفوذ .