Categories الاخبار

هل يتعرض الشباب الليبيين العاملين بالأنشطة التجارية للإستغلال الوظيفي ؟

هل يتعرض الشباب الليبيين العاملين بالأنشطة التجارية للإستغلال الوظيفي ؟

يتجه الشباب في فئة عمرية معينة للبحث عن مصدر دخل يحقق لهم نوعاً من الإستقلالية ويساعدهم في مصاريف دراستهم الثانوية والجامعية ، ويدفعهم وجودهم في مرحلة الدراسة للبحث عن وظائف بدوام جزئي حتى تتوافق مع مواعيد دوامه ، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والغلاء المعيشي ،ولأنهم مازالو لا يملكون مؤهلات علمية يبحثون عن الفرص في القطاعات الخاصة والمشاريع التجارية ذكوراً وإناثاً .

يتسم القطاع التجاري في ليبيا بنوع من الفوضى والعشوائية، مع غياب الآليات لتنفيذ القوانين التي تنظم العمل التجاري وعقود العمل وحقوق العاملين والضرائب والعلاوات وغيرها .

وبسبب غياب الآليات يقع بعض الشباب العاملين من الجنسين في نوع من الإستغلال الوظيفي، حيث تغيب عقود العمل التي من المفترض أن تكون هي الفيصل في هذه العلاقة بين المالك والعاملين في مشروعه التجاري .

ويروي هشام وهو شاب يبلغ من العمر 17 ربيعاً عن تجربته وهو مقبل على الالتحاق بأحدى الكليات بجامعة طرابلس عن تجربته في القطاع التجاري ويقول ” لقد بدأت العمل منذ عامين في احدى محال مواد الزينة وتلقيت أول مرتب لي في حياتي ، كان راتبي الشهري يبلغ 500 دينار رغم انني أعمل منذ التاسعة صباحاً حتى العاشرة ليلاً ، طيلة أيام الأسبوع، في البداية كنت فرحاً بحصولي على راتب خاص ، ولكنني أدركت بعد أن صاحب العمل يستغلني وان راتبي لا يتناسب مع جهدي خاصة ولم يلتزم صاحب المحل التجاري بإتفاقنا منذ البداية بإقتصار عملي على البيع فقط واصبحت أرتب المعروضات وانظفها وأقوم بجرد البضائع، بعد ذلك قام بفصلي بعد أن تغيبت أسبوعاً بسبب وفاة والدتي “

عدم دراية هذه الفئة بالقوانين ربما تساهم بشكل أساسي في وقوعهم بمصيدة الإستغلال ، حيث تفرض وزارة العمل والتأهيل أصحاب النشاطات التجارية بإبرام عقود عمل للعاملين بها وتصديقها من قبلها وبذلك يضمن العاملين حقوقهم ولكن يرى المهتمون بهذا الجانب أن هذه القوانين تفتقد بدايةً لآليات فعلية لتنفيذها على أرض الواقع خاصة مع هشاشة الأوضاع الأمنية، إضافة لعدم تجديد هذه القوانين منذ أكثر من 11 سنة بما لا يتماشى مع التغيرات المالية والإقتصادية التي تعيشها البلاد، حيث تحدد أحد هذه القوانين الحد الأدنى للأجور ب450 دينار ليبي شهرياً، بالإضافة لحظر بعض المهن على العمالة الأجنبية ، وتجريم توظيف القاصرين ممن هم دون الـ18 .

تتحدث حنين السايح والتي تبلغ من العمر 21 عام وهي طالبة بكلية اللغات جامعة طرابلس عن عملها السابق بأحدى المصحات بضواحي طرابلس قائلة ” بحثت عن عمل لفترة طويلة جداً حتى سئمت البحث، وفرحت بحصولي على هذه الفرصة ، أعمل من الساعة الثالثة مساءاً حتى الساعة العاشرة ليلاً وأتلقى 350 دينار كراتب شهري، عارضت عائلتي بسبب قلة المبلغ وهو فعلاً يبخس جهدي، ولكنني مضطرة للعمل لأوفر مصاريف دراستي من كتب ومذكرات ومواصلات، عائلتي مكونة من 7 أفراد، ومصدر عيشنا الوحيد هو راتب والدي الشهري والذي يعمل موظف بأحدى الدوائر الحكومية ويتقاضى 735 دينار لا يكفينا أكلاً وشرباً ” وعند سؤالنا عن معرفتها بقوانين العمل الرسمية اجابت ” نعم قرأت عنها بدافع الفضول ولكنني لا أملك الخيار أحتاج للمال لأكمل دراستي “.

وفي الجانب الآخر يرفض أصحاب النشاطات التجارية تحمل المسؤولية كاملة لهذه الظروف، متحدثين عن غياب الدولة عن دعمهم، ضاربين مثلاً بفترة الإغلاق في فترة تفشي جائحة كورونا .

ويبرر إبراهيم حسن صاحب مجمع تجاري يقع بأحد ضواحي طرابلس ضعف مرتبات العاملين بهذه النشاطات ويقول بعد جهدٍ لإقناعه بالحديث ” ينتقد الجميع ضعف المرتبات ويحملوننا المسؤولية ، ويصورنا معظم الناس على أننا انتهازييون ووحوش بشرية لا تشبع ، ولكنهم لا ينظرون من جانبنا ” ويضيف بعد أن هدأت ثورته قائلاً ” كل التكاليف أصبحت باهضة الإيجارات والبضائع من مصدرها بالإضافة لضرورة إمتلاك مولد كهربائي ضخم في ظل وضع الكهرباء المزري ، حتى تكلفة نقل البضاعة من المخازن أو أسواق الجملة قد ارتفعت أضعاف ” وعند سؤاله عن معرفته بقوانين العمل قال ” نعم أعلمها جيداً بل أحفظها عن ظهر قلب ، انا أعمل في التجارة منذ أكثر من عقدين ، قوانين العمل تلزمنا بدفع ضرائب على العقود وتلزمنا ايضاً بإقتصاص القيمة الضمانية ، ومع ذلك انا ملتزم بالقانون وكل عمّالي يعملون بعقود مسجلة في وزارة العمل ولكن يجب أن تلتفت لنا الدولة قليلاً “.

بين غياب آليات تطبيق القوانين وعدم دراية المواطنين بها وظروف عمل القطاعات الخاصة يظل هذا الوضع قائماً ينتظر الحلول لتغييره.