بالوزن لا بالقطعة . حيلة بيع الخبز في ليبيا
يعتبر الخبز القوت اليومي الذي يوضع على الموائد في مختلف الأوقات ويتعدى ذلك ليعد جزءاً من ثقافة الشعوب ، ورغم مكوناته المتطابقة نجده يتباين بين ثقافة وأخرى في طريقة الإعداد والتحضير أو حتى في أسلوب تقديمه مع الأطعمة، ويتجاوز رغيف الخبز كونه عنصراً على رأس الهرم الغذائي حتى وصل إلى معيار لرفاهية الأوطان وسبباً لإنهيار العروش ورمزاً للعديد من الثورات والانتفاضات.
وفي ليبيا وبعد عقد من الازمات والصراعات ، لم يختفي الخبز عن المشهد ، سواءاً بثمنه الذي تضاعف أو بجودته وتوفره ، حتى أخذ مكاناً في الصراعات والتجاذبات وتصدر عناوين الأخبار.
ويتوزع 4160 مخبز في مختلف أنحاء ليبيا، إضافة إلى 57 مطحنة توزع الطحين على الأفران فيما تستهلك البلاد نحو 1.26 مليون طن حبوب سنويًا تستورد منها 97 %.
قبل أسابيع تصدر الخبز الأحداث بعد إنتشار الحديث عن تلوثه بمادة محسنة تعتبر محضورة وهي برومات البوتاسيوم والتي وصلت إلى نشرات الاخبار العالمية والعربية وعلى إثرها أطلقت عدة جهات حكومية حملة موسعة على المخابد ونتج عنها إغلاق عدد مهول منها ، ما دفع اصحابها إلى التلويح بالإضراب بل واغلق عدد لا بأس به منهم أبوابه أمام المواطنين ما احدث ربكة لم تدم طويلًا.
والغريب هنا أن استياء أصحاب المخابز ونقابتهم جاء بعد رصد الجهات الضبطية لمخالفات متعلقة بالإشتراطات الصحية وسلامة الانتاج ومخالفات متعلقة بأوضاع العمالة وميزان الخبز وكأنها مطالبة منهم بترك الأمور كما هي دونما اي ملاحقة في منتج لا يغيب عن أي مائدة ليبية.
ويتحكم هؤلاء في ثمن الخبز دون رادع او رقيب حيث يقفز سعر الرغيف من 0.250 درهم إلى 0.333 درهم متأثراً كما يدعون بأسعار قنطار الدقيق وتكلفة الأيدي العاملة إضافة لوقود الديزل الضروري لتشغيل مولدات الكهرباء بسبب أزمة انقطاع الكهرباء شقيقة أزمة الخبز.
ربما لا يقع اللوم الكامل على أصحاب المخابز بسبب الإرتفاع الفعلي لأسعار قنطار الدقيق وغيره من المكونات ولكن المفارقة أن رغيف الخبز أصبح هزيلاً بلا وزن يحاكي واقعاً ملموساً عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية وغيرها.
وسبق أن وضعت وزارة الاقتصاد تسعيرة لرغيف الخبز يزن 100 غرام بربع دينار ولكن المخابز والأفران لم تلتزم بالتسعيرة ولا بالوزن وطلبت الوزارة من الحكومة القيام بدعم جزئي للدقيق.
ويباع الخبز في معظم دول العالم بالوزن لا بالقطعة حيث يتم وزن الخبز وبيعه وفق هذا الثمن ، وإلا يحدد ميزان إجباري للرغيف كما هو متبع حتى في دول الجوار.
وبحثاً عن الانصاف تحدثنا مع صاحب مخبز في ضاحية وادي الربيع الذي قال ” أن سعر قنطار الدقيق ارتفع من 175 إلى 215 ديناراً مع ارتفاع أسعار مكونات الخبز من الزيت والسكر. ولو احتسبنا التكلفة سيضطر المواطن لشراء الرغيف بنصف دينار لذلك اضطررنا لتقليل وزن الرغيف “.
وبين السلطة وأصحاب المخابز يجد الرغيف نفسه مستمراً في فقدان الوزن ومقترباً ، اما المواطن فلم يعد يعرف من اين ينتظر الضربة التالية بعد موجات وموجات من الأزمات ، وربما تصبح المطالبة ضرورية في مثل هذه الأوضاع بتغيير الآلية المتبعة لبيع الخبز حيث يتم وزنها اثناء عملية الشراء.