دعهم يأكلون العبمبر !
بقلم : مجد قنود
هو الخبز، ينسلنا من حرير النعاس، ومن قطن أحلامنا
أَمِنْ حبة القمح يبزغ فجر الحياة.. وفجر الحروب ؟
بهذه الكلمات وصف الشاعر الكبير محمود درويش رمزية الخبز لدى الشعوب والذي يتعدى كونه رغيفاً من الدقيق والماء بل يختزل فيه الحياة والموت، الرفاهية والعوز ،الثورات والسياسات، وكم من عروش قد تهاوت بسببه .
ولا يختلف الوضع هنا في ليبيا عن غيرنا فقد كان رغيف الخبز اشبه بمقياس جودة للحياة لم ترتفع اسهمه نحو الرخاء منذ زمن ليس بقصير سواءاً بسعره المتضاعف أو بقوامه المستمر في الهزل وحتى بمذاقه الذي فقد حتى أصبح أقرب لبالونة مصنوعة من عجين القمح بقلب يملئه الفراغ يحاكي معاناة شعب أنهكته قسوة المعيشة ونزوات حاكميه .
وذات صباح استفاق الليبييون على أبواب المخابز الموصدة بعد أن ساء أصحابها “تضييق السلطات” عقب حملة مكثفة أغلقت على إثرها عشرات المخابز بصور مقززة تداولتها منصات الشبكة العنكبوتية والتي تأبى أن تستر فضائع الإستهتار وبشاعة المناظر لبعض الأفران .
وتتفنن هذه الأماكن في صناعة أصناف الخبيز والفطائر وبعضٍ من الحلويات والنواشف حتى أصحبت أشبه بالمطاعم، وكالإبن العاق يهمل هؤلاء ما وجدوا من أجله، ولم يجد الرغيف المخذول من يغذي قوامه المتهالك، إلا من مشتريه الحذرين أثناء شراءه يحملونه برفق حذر إنفجار القشرة المليئة بالهواء .
وربما يتساؤل فضولي ما عن سبب إنزعاج أصحاب المخابز من السلطات رغم أنها تفتش عن المخالفات وتحمي صحة المجتمع أم أنهم يريدون أن يعلموا دون حسيب ولا رقيب وألا يلتزموا بإشتراطات الخبز وأن يحددوا وزن الرغيف .
وأخيرا ، تذكرت الحل المؤقت لأميرة عظيمة في القرن الثامن عشر عندما قيل لها إن الفلاحين ليس لديهم خبز حينها ردت “دعهم يأكلون الكعك ” ولما وصل له الحال هنا يقترب ثمن الرغيف ثمناً ووزنا من ال”العبمبر” في إنتظار كونت بمظهر حديث ووسائل احدث يخرج علينا ليقول “دعهم يأكلون العبمبر” .