Categories الاخبار

كيف تحولت مزارع جنوب طرابلس من “سهل خصيب” إلى كتل خرسانية

كيف تحولت مزارع جنوب طرابلس من “سهل خصيب” إلى كتل خرسانية

شهدت ليبيا في العقدين الأخيرين نمواً في عدد السكان والذي بلغ وفق تعداد الرسمي في العام 2020 إلى 6.8 مليون نسمة ، بأستثناء المقيمين من جنسيات مختلفة.

وتسبب هذا النمو في زحف عمراني ضخم لأطراف المدن والأرياف ، ومع غياب الإستراتيجيات الوطنية والتخطيط ، شهدت العاصمة طرابلس نهضة عمرانية على حساب المناطق التي تسمى ب”الحزام الأخضر” والذي يطوق العاصمة طرابلس والممتد على شكل قوس من غابات غوط الرمان والقربولي حتى مناطق سهل جفارة والعزيزية .

وتعتبر هذه المناطق والتي تسمى ايضاً بالسهل الخصيب سلة غدائية لمناطق غرب وجنوب غرب ليبيا والتي تنشط فيها المزارع وتربية المواشي والدواجن .

ولكن غياب الدعم والخطط الحكومية جعل من ملاك المزارع يحولون اراضيهم الخصبة لمقسمات سكنية ، خاصة مع ارتفاع أسعار العقار واستمرار توجه المشترين نحو الجنوب لمناطق مثل وادي الربيع وقرى النواحي الاربعة ومناطق تاجوراء الجنوبية .

ومع دخول موسم الفاكهة يستشعر الليبييون غياب المحاصيل المحلية وتواجد الفواكه المستوردة ، وتعتمد ليبيا خاصة المنطقة الغربية، بشكل أساسي على تونس في استيراد هذه المحاصيل، حيث يُقدر أن السوق الليبية تستأثر بنحو 60 بالمئة من إجمالي صادرات تونس.

وحمَّل الباحث الاقتصادي حمزة بن حامد مسؤولية جزء كبير من الأزمة إلى السلطات معتبرها قد “عجزت عن تحقيق تطوير ونمو في القطاع الزراعي المهمل ، حيث المسطحات الزراعية غير مستغلة نتيجة ضعف تقنيات الري وحفر الآبار وإنشاء مخازن حفظ الفاكهة وتغليفها والرقابة عليها ” ويضيف: “دائمًا ما يوصي الاقتصاديون بأن أول خطوة لتحقيق التنمية الحقيقية، هي تطوير  القطاع الزراعي لأنه الوحيد الذي يحقق الأمن الغذائي ” .

وتعالت الأصوات في السنوات الأخيرة محذرة من التصحر الذي بدأ يظهر بشكل جلي في تكرر العواصف الرملية والإرتفاع الملحوظ في درجات الحرارة ، محذرين من إستمرار الإعتداءات على هذه المساحات الخضراء .

ويتحدث سالم العلوص وهو صاحب مزرعة بمنطقة السبيعة عن المد السكاني قائلاً ” اصبحت تكلفة الزراعة لا تحتمل مع غياب اي دعم حكومي ، عمق آبار المياه تجاوز ال100 متر وتحتاج لمضخات ضخمة ومولد كهرباء ضخم ايضاً مع استمرار الأزمة ، كما ارتفعت أسعار البذور والأسمدة بشكل كبير بالإضافة لليد العاملة ، مع كل هذه الظروف يجد المزارع نفسه يبحث عن الربح السريع ، خاصة مع زيادة أسعار الأراضي في هذه المناطق والإقبال الكبير من سكان وسط طرابلس “

دائماً ما تتجلى الفوضى وغياب الخطط في مظاهر مشابهة لما يحدث للثروة الزراعية بغياب الدعم وتوقف المشاريع الحكومية ، ما يجعل اي دولة في حالة قلق متواصل لحدوث اي طارئ مشابه لما ضرب العالم في فترة الجائحة مما يجعلها وسط ازمة غذاء مع غياب الانتاج المحلي والمخزون الاستراتيجي .